العلاقمـــة - ههيـــا - شرقية
نـــــــــورت المنتـــــــدى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

العلاقمـــة - ههيـــا - شرقية
نـــــــــورت المنتـــــــدى
العلاقمـــة - ههيـــا - شرقية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مشروع الشرق أوسطية والأمن القومي و الاقليمي

اذهب الى الأسفل

مشروع الشرق أوسطية والأمن القومي و الاقليمي Empty مشروع الشرق أوسطية والأمن القومي و الاقليمي

مُساهمة من طرف Ahmed Khairy الخميس مارس 17, 2011 12:12 am

مقدمة :
بعيداً عن الخوض في النقاشات التي تدور أحياناً حول نظرية المؤامرة و الاختلافات في الآراء بين مؤكد على وجودها و بين معارض لذلك ، فأن استقراءنا للتاريخ يؤكد لنا دون مجال للشك بأن ما يدور الآن على الساحة العالمية ليس وليد الصدقة و ليس وليد اللحظة حيث أن كل حالة من الحالات الراهنة خطط لها بأن تكون كذلك ، فالخطوط و الخطوات الاستراتيجية مرسومة على مدايات بعيدة أما التكتيك فيتغير حسب ما يمكن أن يخدم تلك الاستراتيجية و حسب ما ييسر وصولها إلي الهدف المنشود .
فمشروع الشرق أوسطية بكل خفاياه وأبعاده الاقتصادية و السياسية و كذلك الثقافية ليس حدثاً طارئاً بل هو مشروع قديم بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى سارت الأحداث الراهنة في إطار المنطقة المستهدفة بما يخدم التعجيل بظهور هذه الحالة .
إن الأحداث الاقتصادية و السياسية التي تدور على الساحة العربية و ما حولها قد جعلت العرب ما يكادون يفيقون من صدمة إلا و أعقبتها صدمة أخرى ما جعل القادة العرب يرون ما كان يعد أمراً مستبعداً حقيقة واقعة تجسدها تفاصيل الحياة السياسية و الاجتماعية و هو ما يؤكد على أن الأمن القومي و الإقليمي مهدد تهديداً مباشراً ، حيث أن ذلك يدعو إلي خلق استراتيجية جديدة تتمشى مع عصر العولمة الذي رسم نظاماً عالمياً جديداً ذو أبعاد قديمة لا يستطيع التعايش معه إلا الواعون لما يدور حولهم المخططين لما ينقذهم من دوس سنابك العولمة .
ومع علمنا بصعوبة تغطية هذا الموضوع من كل جوانبه و بكل تفاصيله إلا أننا سنحاول تسليط الضوء على بعض جوانبه التاريخية و السياسية و الاقتصادية و كيفية التصدي للأخطار الكامنة وراء هذا المشروع .

المفهوم المدرك لمصطلح الشرق الأوسط :
إن مصطلح الشرق الأوسط بمفهومه الجغرافي لا اختلاف عليه ، حيث أنه يشير إلي منطقة محددة على خارطة العالم معروفة للجميع ، لكنه عندما يكون نابعاً من خلفية سياسية رسمتها أُطر و حدود النظام العالمي الجديد فأن هذا المفهوم يتغير إلي معاني جيوبوليتيكية يفرضها ذلك النظام الجديد الذي وُضعت مقاييسه في النصف الأول من القرن العشرين ، بما يجعل الشمال أو الغرب يستفيد باستمرار من خيرات الجنوب .
لقد أشار " تشومسكي " إلي أن التقسيمات الاقتصادية العالمية الموجودة الآن أفرزت ثلاثة مراكز قوية حتي و أن اختلفت درجة قوتها ، و هي أمريكا كطرف أقوى ثم تليها أوربا فاليابان ، أما باقي الدول فيضمها ما كان يسمى بالعالم النامي أو العالم الثالث ، والوطن العربي بطبيعة الحال ضمن هذا التصنيف الأخير، لقد أورد ( تشومسكي ) تقريراً صادراً عن هيئة تخطيط السياسية في الخارجية الأمريكية في عام 1948 – 1949 ف يقول : بعد الحرب العالمية الثانية تعززت أهمية الدور الخدمي التقليدي للجنوب بسبب التحقق من أن الأغذية و الوقود القادمين من أوربا الشرقية لم يعودا متوفرين للغرب بمستويات ما قبل الحرب ، لقد حُددت مكانة ووظيفة كل منطقة من قبل المخططين بحيث ستتولى الولايات المتحدة ، أمريكا اللاتينية و الشرق الأوسط مع مساعدة و كيلها البريطاني في الأخير ، و كان على أفريقيا أن تستغل لإعادة إعمار أوربا ، بينما يؤدي جنوب شرق آسيا وظيفته الرئيسية كمصدر للمواد الخام لكل من اليابان و غرب أوربا (1).
من ذلك ندرك بأن ( الشرق أوسطية ) فكرة تم التخطيط لها قديماً رغم بروزها لواجهة الأحداث خلال العقد الأخير من القرن العشرين و ما تلى ذلك من سنوات ، حيث أصبح هذا المفهوم الجديد يحاصر أفكارنا و مسامعنا من خلال و سائل الإعلام المختلفة ليفرض علينا فهماً جديداً للمصطلح يجب علينا أن نتعامل معه و أن نتكيف معه مثلما أراد له الغرب أن يكون ، فوقع إعلامنا العربي كما وقع بعض مثقفينا في الشرك و أصبحوا يرددون مصطلح ( الشرق أوسطية ) كبديل عن الوطن العربي أو العرب أو القومية العربية أو الفضاء العربي .
فالتقدم التكنولوجي و التدفق المعرفي و ازدياد و انتشار المعلومات عن طريق وسائل الاتصال الحديثة قد ساعد على انهيار المكان و الزمان و الحدود ، و ربما كاد أن يخلق قرية عالمية ، و لكن لا يمكن لكل فرد أن يصبح مواطناً فيها ، فالصفوة المهنية العالمية تواجه حدوداً منخفضة ، ولكن بلايين آخرين يجدون أن الحدود ليست أقل ارتفاعاً مما كانت عليه في أي وقت مضى (2). .



تأكيدات التاريخ و مُعضلة الأمن القومي :
يشير البعض إلي أن ( الشرق أوسطية ) ـ كفكرة صهيونية ـ ظهرت لأول مرة في وثيقة أصدرها " اتحاد اليهود " بتاريخ 28 / 3 / 1948 ف و تضمنت التصاق فلسطين في اتحاد شرق أوسطي واسع (3)، فيندثر بذلك اعتبار فلسطين قطر من أقطار الوطن العربي يحق لشعبه المطالبة به أو النضال من أجل تحريره ، و بذلك فالشرق أوسطيه مصطلح سياسي النشأة و الاستعمال و لا ينبع من سمات المنطقة أو طبيعتها السياسية أو الثقافية أو الحضارية أو الجغرافية ، بل يمزق الوطن العربي و يرمي إلي رفض مفهوم القومية العربية ، فيفقد بذلك العرب حتي الأمل في قيام الوحدة بين أقطارهم ناهيك عن العمل على تحقيق ذلك ، و في المقابل فإن فكرة (الشرق أوسطية ) تضفي الشرعية على الوجود اليهودي في فلسطين ، ما يدل على أن هذا المصطلح بمفهومه الحالي صهيوني النشأة وضع لخدمة أغراض الصهيونية و الإمبريالية .

إن مشروع ( الشرق أوسطية ) مشروع أمريكي / صهيوني بكل ما يعني ذلك من أبعاد استعمارية ، وقد ظهر ذلك جلياً في السنوات الأولى من العقد الأخير من القرن الماضي عقب انهيار الاتحاد السوفيتي أو ما كان يسمى بالمعسكر الاشتراكي ، حيث أطلقت يد الولايات المتحدة الأمريكية كقطب أوحد و مركز للقوة الاقتصادية والسياسية ، فبدأت بإعادة ترتيب الأوراق بالشكل الذي يخدم مصالحها ومصالح أتباعها فأدى ذلك إلى انتشار وذيوع مصطلح ( الشرق الأوسط ) خلال تلك الفترة كإطار للتعاون الإقليمي في المنطقة ، و يرجع بعض المختصين ذلك إلي إطار المفهوم ( الصهيوني ) لعملية التسوية التي شهدتها المنطقة .
إن هذا المفهوم ارتبط باسم ( شيمون بيريز ) – رئيس وزراء صهيوني سابق – منذ عام 1967 ف على الأقل ، فقد طرحه لأول مرة في المقال الذي شارك به في عدد خاص أصدرته مجلة " الأزمنة الحديثة " الفرنسية في أعقاب حرب 1967ف بعنوان " يوم قريب ، يوم يعيد " و الذي طرح فيه أهمية التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة كضمان لتحقيق الأمن و الاستقرار ، و بحكم الظروف السياسية التي سادت المنطقة وقتذاك فإن هذه الفكرة لم تلق رواجاً (4) .
و في العقد الأخير من القرن العشرين أيضاً ، اثر انتهاء الحرب الباردة ، حدثت العديد من التطورات الدولية و على المستوي الإقليمي كانت لها آثارها على الاقتصاد العربي ، كان أولها توقيع اتفاقيات الجات في مراكش عام 1994 ف و الذي جاء كنتيجة لانتهاء جولة الأورغواي ثم قيام منظمة التجارة العالمية ( W.T.O )عام 1995 ف ، لتحرير تجارة السلع و الخدمات و انتقال رؤوس الأموال كما تهدف إلي تدويل الحياة الاقتصادية ، أو ما يسمى بالعولمة ، التي يراد أن تخضع لها جميع دول العالم (5) ، أما ثاني تلك التطورات فكان ذا أبعاد اقتصادية و سياسية تهدف في مجملها إلي إدماج الكيان الصهيوني في منطقة المشرق العربي و شق وحدة الصف العربي و هو مشروع ( الشرق أوسطية ) الذي ابتدأ مع سراب التسوية السلمية عام 1994 ف ، حيث عقدت له العديد من المؤتمرات و الندوات التبشيرية منذ مؤتمر الشرق الأوسط و شمال أفريقيا الذي عقد بالدار البيضاء في أكتوبر 1994 ف ، مروراً بعمان 1995 ف و القاهرة 1996 ف وإلى الدوحة عام 1997 ف .
و يعد التطور الثالث مسانداً لما قبله من تطورات و التي ساهمت في مجملها في خلق سياق عام لتفكيك و تشتيت الاقتصاد العربي ، بل ذهبت لأبعد من ذلك على المستوي السياسي و الأمني ، و أتفق على تسمية هذا التطور الثالث ( بإعلان برشلونة ) الذي جاء اثر انعقاد برشلونة الوزاري للشراكة الأوربية/العربية المتوسطية في الفترة من 27 إلي 28 / 11/1995 ف ، لقد كان ( مخطط برشلونة ) عبارة عن فكرة أوربية كانت معقولة في بدايتها حيث كان يطلق عليها مجموعة 5 + 5 أي خمسة دول أوربية مطلة على البحر المتوسط و خمسة أقطار عربية مطلة أيضاً على البحر المتوسط ، ثم كان التوسع الذي جاء نتيجة لإعلان برشلونة حيث أصبحت هذه المجموعة تضم كل دول الاتحاد الأوربي و الأقطار العربية في شمال أفريقيا و كذلك الدول المطلة على البحر المتوسط من الشرق ، حيث وضع إطار تنظيمي لمعالجة العديد من القضايا من أهمها الشراكة السياسية و الأمنية ، و الشراكة الاقتصادية و المالية ، و الشراكة الثقافية و الاجتماعية ، و كذلك ما يتعلق بالقضايا الإنسانية (6) .
لقد أثرت تلك التطورات على الوضع الاقتصادي العربي الذي بدأ مشتتاً متخلفاً مما يدعو إلي إعادة النظر في كل تلك الطروحات الغربية التي تهدف إلي أن يكون الاقتصاد العربي تابعاً للاقتصاد الغربي باعتباره النموذج الأمثل ، والقضاء على ما تبقى من أمل في قيام الوحدة العربية التي تمثل الحل الأساس لمختلف المشاكل التي تواجه المجتمع العربي .
لذا فإن تلك التطورات المهمة قد جعلت الأمن القومي بل و الأمن الإقليمي في محك صعب ، حيث أنه أصبح مهدداً في كل جوانبه الاقتصادية و السياسية و الثقافية و أيضاً الاجتماعية و الإنسانية لعدة أسباب منها :
1- ارتباطه بأمن الدول الغربية التي تختلف محددات أمنها و أهدافه عما يرمي إليه الأمن القومي العربي .
2- وجود الكيان الصهيوني كشوكة في خاصرة هذا الأمن حيث أصبح الكيان العنصري الصهيوني يفرض نفسه كدولة معترف بها داخل هذا الإقليم عن طريق التهديد تارة و تارة أخرى بمساعدة أمريكا و الدول الغربية و سياساتها في المنطقة .
3- القبول بمسميات الشرق أوسطية والشراكة المتوسطية يعني تماماً انصهار الكيان الصهيوني داخل هذا الإطار ، و يتم نسيان وتناسي العرب و الوطن العربي و الوحدة العربية بل و يتم تقطيع أوصال الوطن العربي الجيوبوليتيكية ، و هو ما يجعلنا نرى بأن ما جرى على الساحة طوال العقود الماضية و حتي الآن إنما يرمي إلي ذلك .
فلا شك في أن تكوين فضاء عربي يتم خلاله التكامل الاقتصادي والاجتماعي و السياسي هو الحل الأفضل خاصة و أن مكوناته موجودة تحتاج فقط للإرادة الشعبية و القرار السياسي السليم ، حيث يمكن بعد ذلك لهذا الفضاء أن يتعامل بكل ندية مع غيره من الفضاءات التي أصبحت تتشكل بفعل العولمة مثل الفضاء الأوربي ، الفضاء الأفريقي ، الآسيان ، كومنولث الدول المستقلة ...الخ .
إن التعامل مع الظواهر الاقتصادية العالمية الأساسية التي تمثل ظاهرة العولمة الاقتصادية الآن أهمها ، يوجب على الأقطار العربية بأن يكون سلاحها للمواجهة أو حتى للانصهار فيه بشرف هو المشروع الاقتصادي العربي المتكامل الموحد ، إذ يتماشى ذلك مع لغة العصر التي أسقطت من حساباتها العديد من المفردات الغير ذات جدوى ، مثل الاقتصاد المحلي القوي ، والاعتماد على الذات المنفردة ، وفرض الجمارك و الرسوم بقصد تحصين الصناعات ذات المنشأ الوطني ...، و أصبحت لغة العصر تتحدث عن التكتلات الاقتصادية الضخمة ، والشركات عابرة القوميات العملاقة ... ، التي أصبحت الآن المسيطر الحقيقي على الاقتصاد العالمي الذي جعلت منظمة التجارة العالمية (W.T.O ) سوقه سوقاً واحدة وفضاءه يشمل العالم بأسره أينما وصلت و تصل وسائل المواصلات و الاتصالات الحديثة .



التفكيك وإعادة التركيب المخطط :
يري بعض المتتبعين للسياق الذي تنتهجه العولمة بأن من أبرز مخاطرها فيما يتعلق بفرض آليات الهيمنة على النظام العربي انتهاج سيناريوهات ( الفك و إعادة التركيب ) (7) ، أي ما يتعلق بإعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للوطن العربي بما يضمن الوجود الآمن لصنيعتهم ( الدولة العبرية ) التي نجحت الصهيونية و الامبريالية بإقامتها في فلسطين العربية و ذلك في الخامس عشر من مايو 1948ف ، بما يفضي في النهاية إلي تمزيق الوطن العربي إلي أقاليم جغرافية ذات انتماءات خارجية ، يتضمن ذلك أيضاً عزل و تهميش بعض البلدان العربية ، و الأهم من ذلك هو تحويل فلسطين من وضعها المحوري كرمز لحركة التحرر العربي لتصبح مجرد جسر لتحقيق الهيمنة الصهيونية في المنطقة ، ما يدعو إلي ضرورة التنبه إلي المفاهيم الجديدة و مدي مشروعيتها مثل ( المشروع الشرق أوسطي ) و ( الشراكة الأوربية / العربية ).
كذلك فإن العولمة باعتبارها شكل من أشكال الهيمنة الغربية ، فإنها تعمل في نفس الاتجاه و ذلك من خلال إحكام الحصار حول مناطق الاستقلال الاقتصادي أو السياسي أو الحضاري عن المركزـ الذي يعد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي هو القطب الواحد المتمثل في أمريكا ـ ويتمثل ذلك في حصار الجماهيرية العظمى لفترة طويلة ، كما تم حصار العراق ثم تدميره و محاولة تفتيته ثم إعادة تركيبه بالطريقة التي تمكن من السيطرة عليه ، كذلك محاولة حصار و تفتيت السودان و تهميش مصر و تهديد سوريا وإيران الذي لا يزال مستمراً .
إن احتمال ظهور قطب ثان وارد حضارياً من المنطقة العربية الإسلامية بإرثها الثقافي و التاريخي و الحضاري الطويل ، فالمركز لا يقبل إلا التبعية المطلقة من قبل الآخرين لضمان استقرار السوق (8 ، لذا فقد بات الحديث يتناول بإلحاح مفاهيم جديدة و مصطلحات أصبح استعمالها شائعاً خاصة بوسائل الإعلام المختلفة ، و هي السوق الشرق أوسطية ، أو ( النظام الشرق أوسطي ) كنظام هدفه المعلن هو التعاون الاقتصادي و السياسي بين دول المنطقة ، أما هدفه الحقيقي فهو إدخال تغييرات جيوبوليتيكية لقطع التواصل الجغرافي السياسي للوطن العربي و العالم الإسلامي .
إن مشروع ( الشرق أوسطية ) هو أساساً مشروع الولايات المتحدة الأمريكية الذي يندرج في سياق محاولاتها لإحكام سيطرتها على المنطقة لتعزيز وضعها الاقتصادي من جانب ، و لتكريس هيمنتها على النظام الدولي في مواجهة القوى الصاعدة من جانب آخر (9) ، إلا أن هذا المشروع نشأ و ترعرع في كنف العملية التفاوضية بين العرب و ( الكيان الصهيوني ) التي انطلقت من مدريد في أكتوبر 1991 ف ، و قد اتخذت هذه العملية مسارين متوازيين ، أحدهما ثنائي بين الكيان الصهيوني و الأطراف العربية المعنية ( السلطة الفلسطينية – الأردن – سوريا – لبنان ) ، وثانيهما جماعي يضم دولاً من داخل المنطقة و أخرى من خارجها ، و ذلك بهدف إقامة ترتيبات إقليمية جديدة تتعلق بالحد من التسلح ، والأمن الإقليمي ، و تسوية قضية اللاجئين ، و المياه ، والتعاون الاقتصادي (10) .
إذن فمبدأ التفكيك و التفتيت ثم إعادة التركيب وارد ، بل و ليس بشكل تلقائي أو بالصدفة ، إنما بشكل مخطط له و مبرمج وضعت له استراتيجية محكمة ، أدت العولمة إلي البدء بشكل جلي في تنفيذها ، فعندما تنهار و تغيب أكبر قوة كانت توازن قوة أمريكا و تجعلها تراجع تصرفاتها و تعيد حساباتها كلما أرادت القيام بعمل مثل هذا ، و عندما تشعر أمريكا بخطر هذه الأمة العظيمة بإرثها الحضاري و تراثها على أن تكون قطباً ثانياً يردع هيمنتها رغم ما يعتري الأمة العربية و الإسلامية الآن من ضعف ووهن ، عندها لابد و أن تعمل أمريكا و الصهيونية العالمية على تفكيك و تفتيت هذا الخطر الداهم كما تراه ، و حيث أن وقت الكولونيالية العسكرية قد ولّى وانتهى ، فإن في رسم و تنفيذ مثل هذه المشاريع المشبوهة ما يرغّب الآخرين في الانضمام إليها.
مقدمات و نتائج المشروع الشرق أوسطي :
من حيث أن المقدمات تدل على النتائج فان المقدمات الخاطئة تنج عنها نتائج خاطئة ، وحيث أن ما بني على باطل فهو باطل ، فإن المؤشرات جميعها تشير إلى أن هناك دلالات تؤكد على الهيمنة على النظام الإقليمي و القومي العربي ، فوجود الكيان العنصري الصهيوني في فلسطين وجد لمثل هذه الغايات التفتيتية و التهميشية من أجل السيطرة و بسط النفوذ ، وإن إحدى هذه الآليات المهمة و الخطيرة التي وضعت لهذا الغرض هي مشروع ( الشرق أوسطية ) بما يتضمنه من أبعاد اقتصادية وسياسية و ثقافية و أمنية .
عليه فإننا نشير هنا إلي بعض الحقائق المترتبة عما سبق و التي نذكر منها :
أولاً : إن التخطيط لما وصلت إليه الحالة العربية الآن قد بدأ منذ وعد بلفور المشئوم و الذي بموجبه تم زرع الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية في فلسطين حتي تكون هذه المنطقة من العالم تحت السيطرة المباشرة للغرب من أجل أهداف اقتصادية و سياسية و ثقافية معروفة للجميع .
ثانياً : إن ظهور هذه الترتيبات الإقليمية و التي أهمها ( مشروع الشرق أوسطية و الشراكة الأوربية / العربية أو المتوسطية ) و ما إليها ، إنما تتم في إطار عملية التسوية السياسية للصراع العربي الصهيوني و ذلك بما يؤدي إلي قبول هذا الكيان عربياً .
ثالثاً : إن العروبة هي حالة هوية و انتماء و شعور ، تؤدي في مجملها إلى تكامل يُظهر الشخصية القومية العربية ، أما المفاهيم الحديثة مثل الشرق أوسطية أو الشرق الأوسط فإنها إجراءات مؤسساتية تخلقها الظروف الاقتصادية و السياسية لبعض الدول التي لها مصالح في ذلك ، عليه فإن الدول ليس لها خيار بأن تكون أو لا تكون ضمن الحالة الأولي ، فالعروبة و القومية مسألة انتماء ، أما الحالة المستحدثة مثل الشرق أوسطية فالانضمام إليها من عدمه هو ذو طبيعة برجماتية .
رابعاً : إن التطورات العالمية الأخيرة قسّمت الأقطار العربية بطريقة تصوغ هندسة جغرافية جديدة للمنطقة ، تكون بها دول المشرق العربي محوراً لمشروع الشرق الأوسط ، ودول شمال أفريقيا تشكل قاعدة أساسية للمشروع المتوسطي ، فيما تكون دول الخليج العربي مرتبطة بمعاهدات استراتيجية مباشرة مع أمريكا ، فيما تهمش الدول التي لا تنصاع لذلك أو تكون خارج إطار محور الاهتمام .
خامساً: تهدف فيما تهدف هذه الإجراءات إلي إضعاف الشعور بالانتماء إلي الوطن العربي و القومية العربية ، فيما يحقق ذلك إن حدث ، كل الأهداف التي تليه و التي ترمي لها الامبريالية و الصهيونية .
سادساً : لا يمكن الخروج من هذه المآزق التاريخية السياسية والاقتصادية إلا برفض كل المشاريع المشبوهة و تكوين فضاء عربي اقتصادي و سياسي قادر على المحاورة بندية و قادر على الانضمام إلي أي فضاء اقتصادي أو سياسي آخر من الممكن أن يؤكد على كل ثوابت هذه الأمة المجيدة ويتيح فرصة للأقطار العربية للأخذ بزمام التنمية البشرية والاقتصادية .




الهوامش والمراجع:




  • نعوم تشومسكي ، سنة 501 الغزو مستمر ، ترجمة – مي النبهان ، المدى ، الطبعة الثانية 1999 ف .

  • تقرير التنمية البشرية لعام 1999 ف ، منشور لحساب برنامج الأمم المتحدة الانمائي ، البحرين .

  • عامر رشيد مبيض ، موسوعة الثقافة السياسية الاجتماعية الاقتصادية العسكرية ، مصطلحات ومفاهيم ، سوريا_ دار المعارف ، 2000 ف ، ص829 .

  • عامر رشيد مبيض ، مصدر سابق ، ص831 .

  • د. سليمان المنذري ، السوق العربية المشتركة في عصر العولمة ، مكتبة مدبولي القاهرة 1999 ف ، ص207 .

  • د. مولود زايد الطبيب ، العولمة والتماسك المجتمعي في الوطن العربي ، كتاب تحت الطبع .

  • حمدي عبدالرحمن حسن ، العولمة وآثارها السياسية في النظام الاقليمي العربي : رؤية عربية ، سلسلة كتب المستقبل العربي (24) ، مركز دراسات الوحدة العربية ، الطبعة الثانية ، بيروت مارس 2004 ف ، ص90 .

  • د. حسن حنفي، الثقافة العربية بين العولمة والخصوصية، بحث منشور في ( العولمة والهوية) منشورات جامعة فيلادلفيا/ عمان/ الأردن 1999 ف، ص 30 .

  • حسين معلوم ، التسوية في زمن العولمة ، ندوة العولمة والتحولات المجتمعية في الوطن العربي ، مكتبة مدبولي ، الطبعة الأولى / القاهرة 1999ف ، ص129 .

  • حمدي عبدالرحمن حسن ، مصدر سابق ، ص91 .
~
Ahmed Khairy
Ahmed Khairy
Owner & Founder
Owner & Founder

عدد المساهمات : 322
تاريخ التسجيل : 13/03/2011
العمر : 36
الموقع : https://www.facebook.com/Ahmed.Khairy.Gebreel
المزاج : الحمد لله

https://alakma.hooxs.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى